نظرة عامة على شعر الشاعر زياد شاهين
في ديوانه " أغني وصوتي غزال " معين حلبي- دالية الكرمل
( استاذ اللغة العربية في المدرسة الثانوية- دالية الكرمل (سابقاً) وخريج قسم اللغة العربية جامعة حيفا )
الشعرُ الحديث" الحر" لم يكن يوماً من الأيام مسرحاً للفوضى ، يلهو به من يشاء ، ولا يستطيع كل انسان أن يكتبه لأنه ليس بغاية السهولة كما يعتقد البعض ، فيسرع ويرمي ذاته في أحضانه فيصاب بالإخفاق الذريع ، لكنا نعرف تمام المعرفة ان الشعر الحديث له أنظمته وقيوده وايقاعه الموسيقي والفاظه المفعمة بالمعنى ، وصوره سواء أكانت عريضة أو طويلة يأتي بها الشاعر بعد طول تركيز وعناية .
أنت يا صديقي، يا شاعري، دخلتَ هذا الميدان من أوسع أبوابه وصلتَ وجلتَ فيه مُـجازاً مبدعـاً.
المجموعة تحمل عنواناً " أغني وصوتي غزال " ، وقفتُ أمام هذا العنوان حائراً ، كثير التساؤل عسى أن أهتدي إلى الإيحاء الذي اراد الشاعر إيصاله إلى المتلقي ، ويقيني أن الشاعر أراد من وراء هذا الغموض أن يترك للقارئ مساحة من التفكير ومن ثـمّ يفسره كيفما شاء ، وخاصة عندما يقرأ جُلّ القصائد التي وردتْ في المجموعة.
وقفتُ مشدوهاً أمام هذا الأبداع الفني الغني بالأحاسيس الجياشة والمعنى الوفير، وأقولها بمنتهى الصراحة ، تفاعلتُ مع كل قصيدة ، واكتسبتُ ثروة لغوية ، عاطفية ومواقف إنسانية لا حدود لها . هذه المجموعة الشعرية تستحقُ الإطراء لأنها تشتمل على ما يلي:
سلامة المعنى ووضوح الهدف منه.
الدقة في انتقاء التعابير والحس العاطفي الذي يأبى أن يفارق أي بيت ورد في القصائد .
الايقاع الموسيقي الذي يلازم كل بيت والذي يُدخل إلى قلب القارئ النشوة والطرب .
انفعال عاطفي صادق ومقدرة فنية عظيمة في توضيح ما رغبتَ في ايصالـه.
المقدرة على مزج المشاعر المرهفة الصافية النقية مع العمل الفني الشعري لدرجة إذا شعرت كتبت ، وإذا كتبت عبرت على أنك قادر على الكتابة ، ليس لأنك تريد أن تظهر أحاسيسك وواقعك بشعر وجداني ، كثير العاطفة عذب اللفظ مع إيقاعات موسيقية متنوعة راقصـة .
النغمة الموسيقية الحزينة التي طغت على القصائد ووضعت المتلقي في أجواء الحيرة والتسـاؤل !!! لماذا ؟!
شعر واقعي بكل معنى الكلمة مع سعة اطلاع على ما يدور حولك . القصائد متكاملة الأجزاء ومنسقة ليست مجرد عبارات مبعثرة من هنا وهناك ، لها قمـة شعرية . الأبيات فيها تتسارع لدعم الفكرة وتنويرها ، مزودة بأفكار عميقة وصور شعرية دافقة بالحيوية محركة ومكثفة . الصورة الواحدة تمسك بالأخرى لتوضيح الفكرة ناهيك عن الانفعالات التي لا حصر لها ، مع جرس موسيقي ، كل هذه الأمور تتحد مع بعضها في بناء وحدة عضوية متكاملة غير مفككة .
أما المضامين التي طـُرحتْ في قصائد الديوان فهي متنوعة ، انسانية ، انسانية عاطفية ، انسانية وطنية . هذا يعني انها كلها تصطف في خانة الإنسانية التي من شأنها أن تحكي قضايا الأنسان المتنوعة في واقعنا المعاش .
خاتمة :
الشاعر الصديق : ابن بلدي زياد شاهين ، بلا شك إنك تتمتع بهوية شعرية خاصة . غصـتَ في بحر الالفاظ واخترتَ الالفاظ الشعرية ووضعتها في مكانها المناسب في القصيدة . أحببتُ الايحاء فأتى طوعـاً وبإرادته وتمكنت بخبرتك الشعرية توظيفه بشكل رائع في القصائد .جاءتك الرموز والاشارات تنساب هادئة بحيث وضعتها في ثنايا القصائد وعكستْ بدورها ظلالاً على القارئ . أبيتَ ألا أن يكون الصدق الشعري صاحب تجربتك ، لذا كنتَ صادقاً مع نفسك أولاً وثانياً مع واقعك .
وأخيراً ، سوف أقوم بشرح قصائد المجموعة وتحليلها في وقت لاحق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق