إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 23 يناير 2013

أبكيك -

كارم ناطور
كارم ناطور



زباد شاهين




أبكيك .. بي وجـعٌ

(إلى كارم ناطور الحاضر أبداً)

 

أبكيكَ ..  بي حرقةٌ  فالقلبُ  يحْتَرِقُ

                                      والهُـدْبُ تأْلـَـقُ دمْعـاً مَسَّـهُ الشَفقُ

أبكيكَ.. بي جمرةٌ   الحزنُ موقِـدُها

                                      يا موقـِـداً فــرحاً يسْــمو ويأتَـلِــقُ

أبكيكَ.. بي غضبٌ ما كنتُ أدركـُهُ

                                      لو سال دمّي وصوتي كاد يختنقُ

يا كارمُ الدارُ تحكي نبضُها قصصٌ

                                      أنت الضياءُ وأنت الشـامـخُ اللـَـبـِقُ

الجـودُ في قلبـِـك المفتوحِ سنـبلــةٌ

                                      لو مسّـتِ النارَ.. فالنارُ  ستحْترقُ

الفكرُ في صمتِـكَ المسْموعِ فلسفةٌ

                                  في جرنِها الرّحبِ يزهو الوردُ والحبقُ

يا صاحبي حاضراً  قد كنتَ في زمنٍ

                                     ماتَ البريقُ وغطّتْ قبرَهُ الطُــرُقُ

الخـــلُّ يــزدردُ العنْـقــاءَ في شَــرهٍ

                                   والنـاسُ  حَوْلَــهُ  لا حـولٌ ولا قلــقُ

مـرَّ الخريفُ فكمْ منْ زهرة ذبُـلتْ

                                        والروحُ تذبـلُ  والاثمارُ والورقُ

والريحُ تصفـُرُ والانواءُ قافيــة

                                        للموتِ والموتُ مأسـورٌ وينطلقُ

يا موتُ أنتَ ضعيفٌ بائسٌ وجِلٌ

                                        ما زلـتَ تغدرُ، تغفــو ثمَّ تنبــثِقُ

يا موتُ أنتَ ضنينٌ بالذين عَصَوا

                                     واسترذلوا فِـرَقـاً بالعُهر قد غَرِقوا

اني أخالُ صديقي قادماً  جذلاً

                                     يا موتُ تكذبُ؟ فيكَ أنتَ لا أثِـقُ

هُو العـريسُ ولا أمٌّ تمـدُّ لــه

                                     قلباً يزغردُ بالآهاتِ يصطفـقُ

هُـو العريسُ ألا ترى الجموعَ هنا

                                     الكلُّ يبكي وقلبُ الناس يحترقُ

كيف الرحيلُ وكلُّ الحيّ منتظرٌ

                                   هلا تمهلتَ؟ صبراً ! كيف تستبقُ؟

ما كنتُ أحسبُ أنّ العمرَ مفترقٌ

                                        هَلِ الحياةُ عناقٌ ثمّ نفـترقُ؟

 

حوار مع الشاعر زياد شاهين

زياد شاهين

حوار مع الشاعر الديلاوي  زياد شاهين

 

س- كيف بدأت تجربتك مع الشعر ؟

على ما أذكرُ، في المرحلة الابتدائية وتحديداً في الصف الثالث بدأتْ رحلتي مع الشعر. كنتُ أشعرُ أني أميلُ إلى قول الشعر وإلى كتابته وهذا ليس بالغريب فالشعر كالرسم هو من أهم أدوات التعبير لدى الأطفال في مراحل حياتهم الأولى ، فإما أن تتبلورَ وتتطورَ هذه الأدوات أو هذا الميل وإما أن تتبخرَ وتذوبَ مع التقدّم في العمر.

 لم أعرفْ حتى الآن كيف يولدُ الشعر أو متى وأين ولماذا يولد. في هذه المرحلة الأولى من عمري كنتُ أكتب بعض القصائد وأقوم بإرسالها إلى احدى المجلات الطلابية الصادرة آنذاك، وكتشجيع لي كانت تُنشر هذه القصائد. وهذا كان يثلج صدري ويأسرني ويجعلني أطير فرحاُ. وما زلتُ حتى الآن أحتفظ ببعض القصائد المنشورة في هذه المجلات الطلابية.  

في الصف السادس عرضتُ بعض قصائدي على استاذ اللغة العربية- مربي صفي- الشاعر المرحوم نزيه خير، وكان الأخير يقومُ بتهذيبها وتصحيحها مُسدياً ألي النصائح الكثيرة . في الصف الثامن لاحظ مربي الصف البرفسور سليمان جبران أطال الله عمره مدى حبي وتعلقي باللغة العربية ، وفي درس الإنشاء - مثلاً - كان يقرأ ما أكتبُه على الطلاب في الصف، وأحياناً كان يُحضرُ معه "المنجد" ، ليلقي على طلاب الصف مهمة البحث عن الكلمات الصعبة التي كنتُ أستعملها في كتاباتي. في هذه المرحلة تعلمتُ على يده اصول اللغة العربية وكذلك البحور الشعرية التي ما زلتُ أتقنها حتى اليوم ، واذكر في الصف التاسع حين ذهبتُ للدراسة في المدرسة البلدية في حيفا وفي درس اللغة العربية، كان الأستاذ الشاعر المرحوم حبيب شويري يقرأ علينا بعض القصائد، وقد لاحظتُ اثناء قراءته أن خللا أو كسرا قد حصل في بعض الابيات، وحين لفتُ انتباهه لذلك بقولي: استاذ هذا بيت مكسور! جمد مكانه ثم قال لي: أنت ماذا وكيف تعرف الاوزان مع قليل من البهدلة الأدبية! وخرجت الى اللوح  لأثبت له قولي ، ومن بعدها أهداني مجموعته الشعرية " شموع"  وتصالحنا وأصبحنا رفاق درب. في هذه المرحلة الدراسية قمتُ بقراءة الكثير من الاعمال الأدبية شعراً ونثراً وتبلورتْ تجربتي الكتابية وبدأتُ أنشر في الصحف المحلية الصادرة آنذاك وبعض الصحف كانت تشكُّ أن القصائد التي كنتُ أكتبها هي ليستْ من ثمار قلم طالب ثانوي، وأصدرتُ مجموعتي الشعرية الأولى" سافر قمر الدار" وأنا في الصف الثاني عشر. وهكذا .. لابدّ أن كل هذا الغذاء الثقافي الذي حصلتُ عليه في صغري ، إلى جانب التوجيهات من معلمي اللغة العربية كان له الدور الإيجابي في بلورة وتهذيب تجربتي الشعرية.

س- تعريفك للشعر ؟

هناك إشكالية كبرى في تعريف الشعر، أو ماهية الشعر، فقد أحتار الكثير من الفلاسفة والكتاب والشعراء في تعريف الشعر، وستظلُّ أغلبية التعريفات منقوصة وغير مكتملة، لأنها صادرة عن تصورات واجتهادات شخصية. في المفهوم الاصطلاحي الشعر هو لون من ألوان الكتابة الأدبية، وظل مفهوم الشعر عندنا نحن العرب يرتكز على القول المأثور، ان الشعر يجب أن يكون موزونا ومقفى، أي ما يُسمى بالشعر الكلاسيكي، ومن ثم جاءتْ نازك الملائكة وأحدثت تطوراُ، وكتبتْ قصيدة الكوليرا وانتقلتْ الى ما يسمى بشعر التفعيلة ومن بعدها شعراء النثر ومجلة شعر بشعرائها فؤاد رفقة وشوقي أبي شقرا وأدونيس والماغوط  ويوسف الخال وانسي الحاج ..ألخ، الذين اسسوا قواعد قصيدة النثر.

بالنسبة لي الشعر هو نقيضُ الموت، استمرارية ترتيب الحياة على الكرة الأرضية، وتلوينها وتأنيقها ، هو يدُ الطلسم التي تمسحُ الصدأ عن مرايا الروح والنفس هو المرآة التي تعكسُ كل التشظي والانكسارات والانتصارات والفرح والحزن.

س- ما هي العوامل أو الشخصيات التي تأثرت بها شعريا ً ؟

أنا أفرحُ حين اشعرُ أنه يجب أن أفرح. وأبكي متى يجب البكاء. فاذا كان الفرحُ والبكاء مربوطين بحبل سرة الحياة فانّ هذا الحبل يعبرُ من خلال أحاسيسي وتأثري. كلّ التمزق والتصدع الذي يصاب به العالم اليوم هو مبعثٌ لقلقي وملهمٌ لقصائدي.

س- القصيدة العامودية , قصيدة التفعيلة , القصيدة النثرية

كيف تقيم هذا التطور من وجهة نظرك ؟

الاستسهالُ والاسفافُ الذي أصابَ الشعر اليوم هو نقيض التطور.

الانتقال من القصيدة الكلاسيكية الى قصيدة التفعيلة ومن ثم إلى قصيدة النثر يجب ان يمرّ بمراحلها الشاعر، أعني من لم يتقنْ كتابة  القصيدة الكلاسيكية  لن يتقنَ قصيدة التفعيلة وسيضيعُ ويضيّعنا مع قصيدة النثر. أنا لستُ ضد التطور اذا كان طبيعياً وليس مزيفـاً، ولكن الاستسهال في كتابة الشعر اليوم هو حالة خطيرة ومؤلمة ، لقد أختلط الحابل بالنابل وضاع  وجه الشعر خاصة مع غياب النقد الأكاديمي البناء. الجواهري  بقصائده الكلاسيكية أرقى وأجمل ، مضموناً وشكلاً بكثير من قصائد شعراء النثر مثلاً !  

س-  هل أنت مع القول أن الرواية العربية باتت اليوم تتصدر ديوان العرب  على حساب القصيدة العربية ؟

مع أنني قارئ غير جيد للروايات، لكنني استطيع القول ان انتشار الرواية العربية بات يهدد مكانة الشعر. وهذا ما حدث ايضا في الاوساط الأدبية الغربية . الشعر في تراجع والرواية تتبوأ المكان الأول.

س-  دور الناقد وتأثيره على التطور الشعري   ؟

للناقد دورٌ مهمٌّ في البناء والتطور، وتأثير كبير على العملية الإبداعية. لكن وأسفاه اين هو الناقد؟ لقد ماتَ النقدُ والناقدُ, كل ما هنالك هياكل نقدية تقتاتُ من العلاقات الشخصية أو من المؤسسات الحكومية أو من الجوائز الأدبية المزيفة! لا دور للناقد لأن وجوده نادر ومصداقيته نادرة ومزيفة!  

س- مكانة اللغة العربية في تراجع مستمر عربيا ومحليا

أبعاد هذه الصورة على الشعر مستقبلا ً ؟

مكانة اللغة العربية هو انعكاس للنظام في الدولة. عربيا الانظمة العربية تحاول أن تستبدل لغتنا وشكلنا وتزاود على تراثنا وفكرنا من منطلقات ومصالح شخصية، محليا  لسنا بأحسن حال ولهذه القضية ابعاد سياسية لم ندرك خطورتها حتى الآن. الشعر هو ايضا معرّضٌ لاستنشاق هذا الدخان المسم وقدرُهُ مثل بقية الكائنات على هذه الأرض.

س- هل أنصف الاعلام المرئي أو المكتوب الشعر

من خلال البرامج الشعرية - كشاعر المليون ؟

الأعلام المرئي أو المكتوب مشغول بالحرب وبالجريمة وبالتآمر على حياة الانسان- المواطن في كل بقعة من هذه الأرض. لا وقت لديه لا للشعر ولا للغناء ولا للحب. لم أتابعْ برنامج شاعر المليون ولا حتى مسلسل باب الحارة، للأسف  فعذرا.. لكنني أبارك كلّ الاجتهادات التي من شأنها أن ترفع من شأن ومكانة كل الفنون المتعددة الى أعلى غصن في شجرة الحياة!

 س- المشهد الثقافي العام في الكرمل ؟

يحسدوننا على النسبة الكبيرة من الشعراء والكتاب والرسامين والموسيقيين والصحافيين في كرملنا، هذه حالة صحية ومباركة نستطيع أن نفتخر بها، ونفتخر أكثر وأكثر أذا احببنا بعضنا ، وساندنا بعضنا.

س-   كيف يمكن أن نطور الحركة الابداعية في الكرمل ؟

في الماضي البعيد والقريب قامتْ عدة محاولات لا نشاء جمعيات لرعاية الحركة الابداعية في الكرمل. لا اريد أن أدخل في تقييم حركتنا الأدبية في الكرمل. ولا تحضرني أية فكرة أو مشروعا حتى أذكره أو أقترحه فهذا الإنجاز أو المشروع يتعلق تنفيذه بعدة عوامل  سياسية واجتماعية .

حركتنا الإبداعية في الكرمل متطورة  بأغلبية  مبدعيها في شتى المجالات  دون أن أدخل في ذكر الأسماء.

س- كلمة أخيرة

لتكنْ الكلمة الأخيرة قصيدة كتبتها أخيراً:

 النهر ...

لا أملـكُ نهــراً سحرياً كي أصرخَ:

ماءً

ماءً

ماءْ

ماءٌ كي أملأً ثقبــاً في وجهي يتبخرُّ منه الماءْ

ماءٌ كي أروي سنبلة تتوارثُ قحطَ الصحراءْ

ماءٌ كي أطفأ ناراً عالقـةً في خيمةِ داحسَ والغبراءْ

 

لا أملكُ ماءً فضيّـاً ونقيّـاً

كي أجري نهراً فيّاضاَ

في السرّاء وفي الضرّاءْ

                                                          ( أجرى الحوار الشاعر أشرف حلبي )

أمسية ثقافية أحتفاء يالشاعرين مالك ابراهيم واسامة ملحم

.زياد شاهين اسامة ملحم
زياد شاهين
إزياد شاهين



أمسية ثقافية

احتفاء بالكاتب والشاعر ابراهيم مالك والشاعر أسامة ملحم

 

اسعدتُم مساءً

بداية أودُّ أن أثني على الجهود التي تبْـذُلُها جمعيةُ الجذور في هزّ المهدِ الذي ترقدُ عليه حركتُـنا الثقافية والتي أخذتْها سـِنةٌ من النوم العميق متقمصةً حالةً من التحجّر والجمود، لعلها تستفيقُ –حركتـَنا الثقافية- من سُباتها الكهفيّ وتستعيدُ ولو قليلا من تألقِها ورونقها، فتحفظُ ماءَ وجهِها وتستعيدُ عافيتَها في الارتقاءِ وفي التفاعل والتواصل الإنساني وفي التأمّل بالأسئلة الوجودية  المتعلقة  بمصائرِ الأنسان وقضاياه .

كذلك أودّ أن أشكرَ الزميلَ الكاتبَ والشاعرَ مالك أبراهيم والشاعرَ الصديقَ المُحتفى به أسامة ملحم على منحي الثقة في الحديث عن مشروع " ميس" الثقافي  ودورِها المهمّ في تنشيط حركتنا الثقافية . 

وعلى ضوءِ ما جاء في استهلالي، لا بدّ أيضا من كلمة حقٍّ كأحد المتابعين وليس كناقدٍ أدبي، لنصوص الشاعر أسامة ملحم، فيَصِحُّ القولُ إنّ قُماشتَه الشعرية والفكرية هي من نسيجِه وحدِه، وليستْ مسْتَـورَدَةً من مصانعَ أخرى ، حيث أننا لا نستطيعُ أن نُبصرَ شاعرا آخرَ يتنزَّهُ بترفٍ في قصائده، وهذه السمةُ الفاجرةُ والسائدةُ أعني انتحالَ  النصوصِ والأفكارِ أصبحتْ جزءًا من مشهدنا الثقافي وقد تميّزَ بها الكثيرُ من شعرائِنا للأسف ، كما تُميّزُني غضباً وتطعـنُـني كقارئ مُحبّ للأدب بخيبةِ أملٍ تَصِلُ بذروتها إلى  حدود الاشمئزاز والتقزز.

 قصيدةُ أسامة، صوراً وفكراً وصياغةً، تُمسِكُ القارئَ من يدِ روحِهِ وتَصْحبُهُ في رحلةِ عشقٍ إلى عوالمَ لم ولن يتوقّعَها، هي اجتراحُ الواقع العام من خلال الألم والقلق الفردي ، أنا شخصياً تُـشعرني نصوصُه بالمصداقية وبصفاء الأحاسيس ووضوح الموقف بدون ضَبابيةٍ مُتَـلبّدَةٍ ومُجْتمِعَةٍ لتُحْجِبَ أشعةَ الشعرِ والفكرِ الذهبية :

تلك وردةُ الروح تقطفُها من دمِكَ/ تضعُها برفقٍ هناك/حيث تنتمي/ أنت تعلمُ أن يداً لن تحنُوَ عليها / تجِفُّ هناك في شمس الظهيرة اللاهبة/ مثلـُـك تنتظرُ غروباً بارداً/

مقطعٌ رائعٌ من قصيدة عشق للشاعر أسامة من مجموعته " باب الريح" ، وهي مثالٌ جيّدٌ وزهرةُ من حديقة القصائد المتفردة والرائعة التي تَضُمُّها هذه المجموعة.

دائما يحدثني أسامة عن مَجلّة ميس الثقافية ، وعن حُلْمه وهمّه وطموحه في انجاحِ هذا المشروعِ الثقافي وهو إلى جانبِ تحرير المَجلّة  يَعْمَلُ جاهداً في تحرير منبر ميس الأثيري ، ولو عُدنا إلى تاريخ المَجلات الأدبية في هذه البلاد لطُعِنّـا بخيبةِ أمل أخرى، ففي الموسوعة الفلسطينية الجزء الرابع صفحة 454 جاء ما يلي باختصار: بعدَ شهورٍ قليلة من قيام دولة اسرائيل في 15/5/1948 عادتْ إلى الصدور في الأراضي التي احتلتها العصاباتُ الصهيونية عدّةُ صُحفٍ من بين التي سبقَ ان كانتْ تَصْدُرُ في فلسطين قبل نكبة 1948 الفلسطينية ، مثلَ صحيفة الاتحاد . كما عادتْ إلى الصدور كلٌّ من المَجلات الشهرية التالية: البشرى والرابطة والسلام والخير والغد. كذلك صحيفةُ الدرب ومَجلةُ الوسيط التي توقفتْ عن الصدور ومَجلةُ الجديد الثقافية التي بدأتْ بالصدور منذ عام 1953 والتي توقفتْ عن الصدور ومَجلة المجتمع للشاعر ميشيل حداد عام 1954 وانقطعتْ عن الصدور عام 1954 ومَجلة  حزب المابام الصهيوني اليساري" الفجر" التي ضمّتْ الشاعرَ الفلسطيني راشد حسين وفوزي الأسمر وانقطعتْ عن الصدور إلى جانب الصحف التي تُمثّـلُ وتخدمُ سياساتِ السلطةِ كصحيفة اليوم الصادرة عام 1949 ومن ثَمَّ تحولتْ إلى صحيفة الانباء وحقيقة الأمر وجميعُها قد انقطعتْ عن الصدور. ومَجلةُ الشرق الأدبية ومَجلةُ مواقف اللتان ما زالتا تَصدران حتى الآن إلى جانب الصحف التجارية مثل كل العرب والصنارة والتي تُـفردُ القليلَ من صفحاتها للاهتمام بالشأن الثقافي والادبي, وهكذا فإن أغلبيةَ المجلات الأدبية المهنية التي اشتغلتْ بالشأن الثقافي والفكري من خلال أدباءَ مرموقين أمثالِ طيبِ الذكرِ محمود درويش والشاعرِ سميح القاسم أطال الله عمرَهُ ، قد توقفتْ عن الصدور بالرغم من الدعم المادي والفكري والأدبي، والسؤالُ الذي يطرحُ نفسَه: كيف يتسنى لمجلة أدبية مثلِ ميس الخروج عن هذه القاعدة بل كسرُها،  والتشبثُ بأهداب الحياة والاستمرارية في دعم الثقافة والأدب.

هناك إشكاليةٌ أخرى في استمرارية صدور المَجلات الأدبية، ألا وهي أنتشار المواقع الأثيرية، هذه المواقع بأغلبيتها تجارية أو حزبية تفتقر الى المهنية وهي تعمل على طمس وجه حركتنا الثقافية والتآمر على هُويتنا وتاريخنا وحُلْمِنا في الارتقاء إلى فضاء أفضل.

أمامَ هذا المشهدِ القاتم: انقطاعُ المَجلات الأدبية عن الصدور مثلَ مجلة الجديد والغد، وانتشارُ المواقع الأثيرية، يُصرُّ الشاعرُ أسامة ملحم وزملاؤه، على خوض المستحيل، وارتيادِ مغامرةٍ مكلفةٍ مادياً وفكرياً في تحقيق حلمِه بإصدار مَجلة ورقية.

في العدد الأول من مَجلة ميس والصادر في تشرين الأول 2009, تصدّرَ السؤال : من نحن؟ وكان الجوابُ كالآتي:

نحن مجموعةُ كتابِ عربٍ فلسطينيين من فلسطين التاريخية، الأرضُ التي قامتْ عليها إسرائيل عام 1948، عامَ النكبة، نتداولُ فيما بيننا منذ فترة ونتباحثُ حول الحياة الثقافية بين السكان العرب خاصة، تقلقُـنا حالةَ الجمود الثقافي في مجتمعاتنا، نرقبُ بقلقٍ شديد ما نلاحظه من اتجاهاتٍ لخصخصة النشاط الثقافي وقصْرِ هذا النشاط على منطلقاتٍ وأغراضٍ سلطوية، فئوية وحزبية ضيّقة، وبالتالي تنميةِ الضحالةِ الثقافية والتسطيحِ وغيرِ ذلك من الظواهر المدمّرة.

يُستشفُّ من هذه المقدمة اصرارُ مجلة ميس على تعزيز الانتماء والتأكيد على كياننا الثقافي النقي الذي يُشكّلُ القاعدةَ الرصينة لكلّ نضالٍ أنساني في ظلّ طمس وضياع الهُويّة وهذا ينعكسُ في كلّ أعداد ميس الصادرة لاحقا.

مَجلةُ ميس هي جزءٌ مني ومنك ومن كلّ العقلانيين والمثقفين والمفكرين وذوي المبادئ الإنسانية السامية. هي زرعٌ مباركٌ وفروع باسقةٌ لجذع راسـخ في تربة مِخْصابٍ طاهرةٍ وخالدة. مَجلة ميس هي الحارسُ الأمينُ المدجّجُ بالوعي الثقافي وبالفكر التقدمي للذود عن حركتنا الثقافية ولدعمها وللتواصل مع الأصوات التقدمية والأقلام الفكرية النيّرة التي تدافع عن قضايا الانسان في كل مكان.

وأنا أدعو من هنا إلى تجنيد كلّ القدرات لدعم المجلة مادياً وفكريا وأدبيا كي تستمرَ في الحياة،  وأختِمُ بما تصدر العددَ الأخيرَ، بوصلةُ أبي العلاء المعري ، علّـنا نسترشدُ ونعملُ بها:

إذا تفكرتَ فكراً لا يُمازجُهُ   فسادُ عقلٍ صحيحٍ ....هانَ ما صَعُبـا

( القيتُ هذه الكلمة في الأمسية الثقافية التي عقدتها جمعية الجذور في نادي كمال جنبلاط الفكري في بيت جن في 2/12/2012، احتفاء بالشاعر والكاتب ابراهيم مالك والشاعر اسامة ملحم، وقد شارك في هذه الأمسية النائب والكاتب سعيد نفاع، الدكتور غازي خير، الكاتب اياد الحاج، الشاعر تركي عامر، الشاعر نزيه حسون، الشاعر يوسف مراد، الشيخ عوني خنيفس والمسرحي نايف خير)

 

 
















 


الثلاثاء، 22 يناير 2013

صورة

                                                زياد شاهين

النهر


النهر ...

 

لا أملـكُ نهــراً سحرياً كي أصرخَ:

ماءً

ماءً

ماءْ

ماءٌ كي أملأً ثقبــاً في وجهي يتبخرُّ منه الماءْ

ماءٌ كي أروي سنبلة تتوارثُ قحطَ الصحراءْ

ماءٌ كي أطفأ ناراً عالقـةً في خيمةِ داحسَ والغبراءْ

 

لا أملكُ ماءً فضيّـاً ونقيّـاً

كي أجري نهراً فيّاضاَ

في السرّاء وفي الضرّاءْ

صورة

                                                     زياد شاهين

وحدي بجانب خيبتي

وحدي بجانب خيبتي

 
 
في المسْـرحِ الوَطـنيِّ، أجلـسُ خِـلـسَة ً
وحْدي بجانبِ خيبَـتي، أتأمّلُ الأضْواءَ
والـديـكورَ  والأشـخـاصَ  والأدوارَ،
لم أَرَ مشْهـداً مُسْتَحْدَثـاً ،
مُسْتأصَلاً أو ساطِعاً من حاضرٍ، مُتأنّقاً
مُتجدّداً، كلُّ المَشاهدِ قدْ تكررَّ سُـمُّها،
أفـعىً مُرقّـشَة  تُـبـدّلُ جلـدَها البُـنيَّ،
والجمهورُ مقسومٌ  ومبهورٌ يصفّـقُ
تارةً جَذِلاً
وأخرى يمْتـطي خيلاً،
ويعْزِفُ رقـصةَ الثـعبانِ في شبَـقٍ
على نايٍ حزينٍ
قَـدَّهُ مـنْ ضِلـعِـهِ المثقوبِ،
والأفعى تواصِل ُرقصَها
المسْحورَ، في تيهٍ تُـبدّلُ جلدَها
وفحيحَها، الكلُّ مجنونٌ بها،
يتقاسَمونَ ويأكلونَ  بغبْطةٍ مأثورةٍ  تفّـاحَها .
 
في المسْرحِ الوطنيّ أترُكُ مَجْلسي
وحْدي بصُحْبةِ خيبتي،
أنسلُّ مكتئباً شريداً قانطـاً
 جرسُ الفَحيحِ يَطنُّ في أذُني،
وفي العتمِ الكثيفِ، أدُبُّ مُحْتَضِراً
 أنازعُ والطريقُ تلفُّ لي قدمي،
كأفعىً تُـشْبُهُ الأفعى
الّتي أبصرْتُها في المسرَحِ الوطنَيْ .