إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 23 يناير 2013

حوار مع الشاعر زياد شاهين

زياد شاهين

حوار مع الشاعر الديلاوي  زياد شاهين

 

س- كيف بدأت تجربتك مع الشعر ؟

على ما أذكرُ، في المرحلة الابتدائية وتحديداً في الصف الثالث بدأتْ رحلتي مع الشعر. كنتُ أشعرُ أني أميلُ إلى قول الشعر وإلى كتابته وهذا ليس بالغريب فالشعر كالرسم هو من أهم أدوات التعبير لدى الأطفال في مراحل حياتهم الأولى ، فإما أن تتبلورَ وتتطورَ هذه الأدوات أو هذا الميل وإما أن تتبخرَ وتذوبَ مع التقدّم في العمر.

 لم أعرفْ حتى الآن كيف يولدُ الشعر أو متى وأين ولماذا يولد. في هذه المرحلة الأولى من عمري كنتُ أكتب بعض القصائد وأقوم بإرسالها إلى احدى المجلات الطلابية الصادرة آنذاك، وكتشجيع لي كانت تُنشر هذه القصائد. وهذا كان يثلج صدري ويأسرني ويجعلني أطير فرحاُ. وما زلتُ حتى الآن أحتفظ ببعض القصائد المنشورة في هذه المجلات الطلابية.  

في الصف السادس عرضتُ بعض قصائدي على استاذ اللغة العربية- مربي صفي- الشاعر المرحوم نزيه خير، وكان الأخير يقومُ بتهذيبها وتصحيحها مُسدياً ألي النصائح الكثيرة . في الصف الثامن لاحظ مربي الصف البرفسور سليمان جبران أطال الله عمره مدى حبي وتعلقي باللغة العربية ، وفي درس الإنشاء - مثلاً - كان يقرأ ما أكتبُه على الطلاب في الصف، وأحياناً كان يُحضرُ معه "المنجد" ، ليلقي على طلاب الصف مهمة البحث عن الكلمات الصعبة التي كنتُ أستعملها في كتاباتي. في هذه المرحلة تعلمتُ على يده اصول اللغة العربية وكذلك البحور الشعرية التي ما زلتُ أتقنها حتى اليوم ، واذكر في الصف التاسع حين ذهبتُ للدراسة في المدرسة البلدية في حيفا وفي درس اللغة العربية، كان الأستاذ الشاعر المرحوم حبيب شويري يقرأ علينا بعض القصائد، وقد لاحظتُ اثناء قراءته أن خللا أو كسرا قد حصل في بعض الابيات، وحين لفتُ انتباهه لذلك بقولي: استاذ هذا بيت مكسور! جمد مكانه ثم قال لي: أنت ماذا وكيف تعرف الاوزان مع قليل من البهدلة الأدبية! وخرجت الى اللوح  لأثبت له قولي ، ومن بعدها أهداني مجموعته الشعرية " شموع"  وتصالحنا وأصبحنا رفاق درب. في هذه المرحلة الدراسية قمتُ بقراءة الكثير من الاعمال الأدبية شعراً ونثراً وتبلورتْ تجربتي الكتابية وبدأتُ أنشر في الصحف المحلية الصادرة آنذاك وبعض الصحف كانت تشكُّ أن القصائد التي كنتُ أكتبها هي ليستْ من ثمار قلم طالب ثانوي، وأصدرتُ مجموعتي الشعرية الأولى" سافر قمر الدار" وأنا في الصف الثاني عشر. وهكذا .. لابدّ أن كل هذا الغذاء الثقافي الذي حصلتُ عليه في صغري ، إلى جانب التوجيهات من معلمي اللغة العربية كان له الدور الإيجابي في بلورة وتهذيب تجربتي الشعرية.

س- تعريفك للشعر ؟

هناك إشكالية كبرى في تعريف الشعر، أو ماهية الشعر، فقد أحتار الكثير من الفلاسفة والكتاب والشعراء في تعريف الشعر، وستظلُّ أغلبية التعريفات منقوصة وغير مكتملة، لأنها صادرة عن تصورات واجتهادات شخصية. في المفهوم الاصطلاحي الشعر هو لون من ألوان الكتابة الأدبية، وظل مفهوم الشعر عندنا نحن العرب يرتكز على القول المأثور، ان الشعر يجب أن يكون موزونا ومقفى، أي ما يُسمى بالشعر الكلاسيكي، ومن ثم جاءتْ نازك الملائكة وأحدثت تطوراُ، وكتبتْ قصيدة الكوليرا وانتقلتْ الى ما يسمى بشعر التفعيلة ومن بعدها شعراء النثر ومجلة شعر بشعرائها فؤاد رفقة وشوقي أبي شقرا وأدونيس والماغوط  ويوسف الخال وانسي الحاج ..ألخ، الذين اسسوا قواعد قصيدة النثر.

بالنسبة لي الشعر هو نقيضُ الموت، استمرارية ترتيب الحياة على الكرة الأرضية، وتلوينها وتأنيقها ، هو يدُ الطلسم التي تمسحُ الصدأ عن مرايا الروح والنفس هو المرآة التي تعكسُ كل التشظي والانكسارات والانتصارات والفرح والحزن.

س- ما هي العوامل أو الشخصيات التي تأثرت بها شعريا ً ؟

أنا أفرحُ حين اشعرُ أنه يجب أن أفرح. وأبكي متى يجب البكاء. فاذا كان الفرحُ والبكاء مربوطين بحبل سرة الحياة فانّ هذا الحبل يعبرُ من خلال أحاسيسي وتأثري. كلّ التمزق والتصدع الذي يصاب به العالم اليوم هو مبعثٌ لقلقي وملهمٌ لقصائدي.

س- القصيدة العامودية , قصيدة التفعيلة , القصيدة النثرية

كيف تقيم هذا التطور من وجهة نظرك ؟

الاستسهالُ والاسفافُ الذي أصابَ الشعر اليوم هو نقيض التطور.

الانتقال من القصيدة الكلاسيكية الى قصيدة التفعيلة ومن ثم إلى قصيدة النثر يجب ان يمرّ بمراحلها الشاعر، أعني من لم يتقنْ كتابة  القصيدة الكلاسيكية  لن يتقنَ قصيدة التفعيلة وسيضيعُ ويضيّعنا مع قصيدة النثر. أنا لستُ ضد التطور اذا كان طبيعياً وليس مزيفـاً، ولكن الاستسهال في كتابة الشعر اليوم هو حالة خطيرة ومؤلمة ، لقد أختلط الحابل بالنابل وضاع  وجه الشعر خاصة مع غياب النقد الأكاديمي البناء. الجواهري  بقصائده الكلاسيكية أرقى وأجمل ، مضموناً وشكلاً بكثير من قصائد شعراء النثر مثلاً !  

س-  هل أنت مع القول أن الرواية العربية باتت اليوم تتصدر ديوان العرب  على حساب القصيدة العربية ؟

مع أنني قارئ غير جيد للروايات، لكنني استطيع القول ان انتشار الرواية العربية بات يهدد مكانة الشعر. وهذا ما حدث ايضا في الاوساط الأدبية الغربية . الشعر في تراجع والرواية تتبوأ المكان الأول.

س-  دور الناقد وتأثيره على التطور الشعري   ؟

للناقد دورٌ مهمٌّ في البناء والتطور، وتأثير كبير على العملية الإبداعية. لكن وأسفاه اين هو الناقد؟ لقد ماتَ النقدُ والناقدُ, كل ما هنالك هياكل نقدية تقتاتُ من العلاقات الشخصية أو من المؤسسات الحكومية أو من الجوائز الأدبية المزيفة! لا دور للناقد لأن وجوده نادر ومصداقيته نادرة ومزيفة!  

س- مكانة اللغة العربية في تراجع مستمر عربيا ومحليا

أبعاد هذه الصورة على الشعر مستقبلا ً ؟

مكانة اللغة العربية هو انعكاس للنظام في الدولة. عربيا الانظمة العربية تحاول أن تستبدل لغتنا وشكلنا وتزاود على تراثنا وفكرنا من منطلقات ومصالح شخصية، محليا  لسنا بأحسن حال ولهذه القضية ابعاد سياسية لم ندرك خطورتها حتى الآن. الشعر هو ايضا معرّضٌ لاستنشاق هذا الدخان المسم وقدرُهُ مثل بقية الكائنات على هذه الأرض.

س- هل أنصف الاعلام المرئي أو المكتوب الشعر

من خلال البرامج الشعرية - كشاعر المليون ؟

الأعلام المرئي أو المكتوب مشغول بالحرب وبالجريمة وبالتآمر على حياة الانسان- المواطن في كل بقعة من هذه الأرض. لا وقت لديه لا للشعر ولا للغناء ولا للحب. لم أتابعْ برنامج شاعر المليون ولا حتى مسلسل باب الحارة، للأسف  فعذرا.. لكنني أبارك كلّ الاجتهادات التي من شأنها أن ترفع من شأن ومكانة كل الفنون المتعددة الى أعلى غصن في شجرة الحياة!

 س- المشهد الثقافي العام في الكرمل ؟

يحسدوننا على النسبة الكبيرة من الشعراء والكتاب والرسامين والموسيقيين والصحافيين في كرملنا، هذه حالة صحية ومباركة نستطيع أن نفتخر بها، ونفتخر أكثر وأكثر أذا احببنا بعضنا ، وساندنا بعضنا.

س-   كيف يمكن أن نطور الحركة الابداعية في الكرمل ؟

في الماضي البعيد والقريب قامتْ عدة محاولات لا نشاء جمعيات لرعاية الحركة الابداعية في الكرمل. لا اريد أن أدخل في تقييم حركتنا الأدبية في الكرمل. ولا تحضرني أية فكرة أو مشروعا حتى أذكره أو أقترحه فهذا الإنجاز أو المشروع يتعلق تنفيذه بعدة عوامل  سياسية واجتماعية .

حركتنا الإبداعية في الكرمل متطورة  بأغلبية  مبدعيها في شتى المجالات  دون أن أدخل في ذكر الأسماء.

س- كلمة أخيرة

لتكنْ الكلمة الأخيرة قصيدة كتبتها أخيراً:

 النهر ...

لا أملـكُ نهــراً سحرياً كي أصرخَ:

ماءً

ماءً

ماءْ

ماءٌ كي أملأً ثقبــاً في وجهي يتبخرُّ منه الماءْ

ماءٌ كي أروي سنبلة تتوارثُ قحطَ الصحراءْ

ماءٌ كي أطفأ ناراً عالقـةً في خيمةِ داحسَ والغبراءْ

 

لا أملكُ ماءً فضيّـاً ونقيّـاً

كي أجري نهراً فيّاضاَ

في السرّاء وفي الضرّاءْ

                                                          ( أجرى الحوار الشاعر أشرف حلبي )

ليست هناك تعليقات: